أقام مركز الدراسات والأبحاث في جامعة حلب في المناطق المحرّرة بالتعاون مع رابطة العلماء السوريين، ورشة عمل بعنوان “دراسات في السياسة الشرعية في ظل الربيع العربي”.
استمرت الورشة يومين، جرى خلالهما مناقشة عدد من الدراسات والأبحاث العلمية والفكرية، وعرض مجموعة من القضايا المتعلقة بالتغيير السياسي والسياسة الشرعية.
حضر الورشة في يومها الأول نائب رئيس الجامعة للشؤون العلمية د. ياسر اليوسف، وأمين الجامعة د. محمد الحمادي، ونائب رئيس مركز الدراسات والأبحاث أ.د. عبد الله حمادة، وعميد كلية الشريعة د. أحمد الطعان.
وشارك فيها نائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية د. محمد رامز كورج، ورئيس رابطة العلماء السوريين د. غازي التوبة، ورئيس اللجنة العلمية فيها الشيخ رسلان المصري، ومدير فرع الرابطة في الشمال السوري د. ماجد العليوي.
استهلت الورشة بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم ألقى د. ماجد العليوي كلمته التي عرّف من خلالها برابطة العلماء السوريين وتأسيسها ورؤيتها ورسالتها، ونشاطها في الثورة السورية، وكذلك عرض المحاور التي ستغطيها الورشة.
أكّد بعد ذلك د. غازي التوبة في كلمته على أهمية هذه الورشة، وأهمية دراسة الواقع دراسة تفصيلية، والعمل على فهم الواقع وإدراكه، واكتشاف معالمه والطرق العملية للتغيير، وتطرق كذلك للربيع العربي وآثاره والمشاريع التي كانت تستهدف وحدة الأمة الثقافية والسياسية والمتجسدة في (مشروع السلام المصري الإسرائيلي، ومشروع ملالي إيران، ومشروع الشرق الأوسط الجديد).
فيما تحدث د. محمد رامز كورج في كلمته عن الجامعة وانطلاقتها، ورؤيتها ورسالتها وأهدافها، وما تشمله من كليات ومعاهد وأعداد الطلاب فيها، وأشاد بأهمية هذه الورشة ودورها في النهوض بالمناطق المحررة، وحاجة هذ المناطق لمثل هذه الورش والندوات التي تمس واقعنا السوري المعاصر، والتي تعيد لنا الهوية وتجدد فينا الانتماء.
من جانبه أوضح الشيخ رسلان المصري، أهمية العلم في تحريك العواصم والبلدان، وأهمية السياسة وضرورة التعامل بها، مشيراً إلى أبرز الأحداث السياسية عبر التاريخ الإسلامي، والتي ساهمت في ازدهار الحضارة الإسلامية.
وبدوره تحدث المحاضر في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول وعضو اللجنة العلمية في الورشة د. محمد أيمن الجمال، عن تمزق الأمة وتشتتها، والحرب السياسية عليها، وإضعاف الهوية السياسية لها، وكذلك أشار إلى النماذج المشوهة للنظام الإسلامي (داع. ش/ إيران)، وإلى ضعف تناول قضايا السياسة الشرعية في الواقع المعاصر.
وأبرزَ عضوُ اللجنة العلمية في الورشة د. عبد السلام البيطار في حديثه، علاقة الربيع العربي بالسياسة الشرعية، وآثار ثورات الربيع العربي في تأهيل الشباب وتوسيع الأفق، وخلق العلاقات السياسية، ونوّه إلى ضرورة إحياء القيم وزرع القيادات، ودراسة الواقع وفقه الموازنات، وفقه المقاصد، وفقه المآلات.
وتحدث الباحث الشيخ علي نايف الشحود، عن أسباب سقوط الخلافة الإسلامية الداخلية والخارجية، وعن سعي أعداء الأمة إلى تطبيق المشاريع المسمومة داخل البلاد الإسلامية، مؤكداً على ضرورة التصدي لهذه المشاريع.
وعرض بعد ذلك د. محمد حسني عرفة، بحثه الموسوم بعنوان: “مشروع التغيير السياسي السلمي والاستفادة من أدوات الديمقراطية” والذي تحدث فيه عن أهمية وجود نظام سياسي يحكم الناس، وأوضح أن الإسلام دين ودولة تحكم بشرع الله، وأبرز من خلاله الطرق إلى تحكيم الإسلام، وقدّم دراسة تجربة حزب العدالة التنمية في تركيا ومقارنته مع تجربة الإخوان المسلمين في مصر وحزب الإصلاح في اليمن.
وحضر في اليوم الثاني من الورشة أ.د. عبد العزيز الدغيم، وأمين الجامعة د. محمد الحمادي، ونائب رئيس مركز الدراسات والأبحاث أ.د. عبد الله حمادة، ومجموعة من العلماء والباحثين.
حيث أبدى أ.د. عبد العزيز الدغيم، في كلمته ترحيب الجامعة بهذه الندوات والورشات العلمية والفكرية والثقافية، التي تصب في خدمة المجتمع وتساهم في رفع الوعي الفكري والثقافي لدى شبابه، وتابع حديثه موضحاً الفرق الشاسع في حرية التفكير والتعبير لدى الشعوب العربية بين ما كان عليه الحال في زمن الاستبداد وبين ما هو عليه بعد انطلاق ثورات الربيع العربي، وأكّد على ضرورة مواصلة الطريق حتى بلوغ الهدف في تحقيق الحرية والعدالة والكرامة.
ثم قدّم د. أسامة جورية بحثه الموسوم بعنوان: “التخطيط النبوي في التغيير وبناء الدولة” والذي تحدث فيه عن أهمية التخطيط والإدارة، وكيفية إدارة النبي صلى الله عليه وسلم للدولة، وعن عوامل نجاح المشروع، وعن ضرورة وجود النواة الصلبة التي تمتلك القيم والأخلاق لتحقيق هذا المشروع.
فيما عرض د. ماجد العليوي بحثه الموسوم بعنوان: “التغيير السياسي في منظور السنة النبوية – قراءة في أحاديث طاعة الحاكم” والذي هدف من خلاله إلى الوقوف على المعالم العامة التي تشكل المنهج النبوي في التغيير السياسي، وإلى تجلية المعنى الصحيح للنصوص النبوية التي تأمر بطاعة الحاكم وصلتِها في هذا المنهج وأثرِها في ثورات الربيع العربي.
الجدير بالذكر أن هذه الورشة جاءت انطلاقاً من حاجة المجتمع اليوم إلى دراسات معمقة في السياسة الشرعية تعتمد على النظر بواقعية إلى التغيرات المتلاحقة بعد ثورات الربيع العربي وما أفرزته من تحديات على كافة المستويات.